البدع والإبداع
| 1:06 م - الأربعاء ، 05 يونيو 2013 |
( 84 )
[rtl]لا جدال، بالنسبة إلي، في أن من حق المسلم المؤمن أن يدافع عن إيمانه. ومن الطبيعي والضروري، في الوقت نفسه، بالنسبة إلى كذلك، أن يحمي هذا الحق وأن يدافع عنه من يوصفون بأنهم "أهل البدع" وأن يؤكدوه، قولاً وعملاً.[/rtl]
[rtl]غير أن استخدام هذا الحق لا يجوز أن يصل إلى درجة يتناقض فيها مع حكمة هذه الآية وأبعادها الإنسانية والروحية، والتي يخاطب فيها الله خاتم أنبيائه: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" (القصص: 56) أو هذه الآية: "ليس عليك هداهم، ولكن الله يهدي من يشاء" (البقرة: 272).[/rtl]
[rtl]هكذا أجادل في ادعاء المسلم بأن من حقه أن يفرض "هداه" الخاص أي "رأيه" الخاص على غيره، وأن يجيز لنفسه استخدام العنف والقوة في فرضه، وأن يحول "هداه" أو "رأيه" إلى "تنظيم" عنفي، إكراهي.[/rtl]
[rtl]أجادل في هذا الادعاء لأن المسلم هنا ينقل "هداه" أو "إيمانه" إلى مرتبة "المعيار" المطلق الذي يجب أن يقاس عليه، فيما ينبغي أن يظل دائمًا موضوع تساؤل وامتحان وتقويم، على صعيد المعرفة، وعلى صعيد السلوك والأخلاق بعامة. خصوصًا أن في هذا النقل ما يحول الإيمان الذي هو قناعة ورضى إلى مجرد إكراه وإلزام، ويحوله إلى عنف وهو مسالمة، ويحوله إلى "تجمعن"، في حين أنه "تفردن". والخطر والخطير في هذه المسألة هو أن المسلم، إذ يمارس هذا الأمر، يبدو كأنه يعطي نفسه الحق في أن يكون شرطيًا دينيًا يطبق الأحكام على من يحسبهم "مخالفين" أو من "أهل البدع" كما يطبق رجل القانون الأحكام على من يرتكب جرمًا مدنيًا. بل إنه في عمله هذا يجعل من نفسه "الحسيب" و"الديان".[/rtl]
[rtl]هكذا يحول "التفكير" إلى "تكفير" و"الرأي العقلي" إلى "جرم يدوي" ويحول الدين إلى ما يشبه "الملك" الخاص ببشر مسلمين دون سواهم من المسلمين الآخرين، مما يتضمن الإلغاء الكامل للماضين والآتين معًا.[/rtl]
[rtl]والأشد خطورة هو أن المسلم يبدو في عمله هذا، كأنه ينوب عن الخالق في "الهداية" وفي "الحساب والعقاب" معطيًا نفسه حقًا لم يعطه الله نفسه خاتم أنبيائه.[/rtl]
[rtl]أدونيس [/rtl]
